السبت، 28 نوفمبر 2009

أنا سعد نبيهة..!

البالونة الشهيدة

سألت بالونة منفجرة تشوه كيانها: عايز أكلم سعد نبيهة..
شحب لونها الأحمر قليلا: مين سعد نبيهة ده..؟
- معقولة فيه بالونة في الوطن ما تعرفوش..؟ سعد نبيهة اللي بيخليها ذكرى جميلة لبعد العيد..! انتي ما سمعتيش صفاء ابو السعود قبل كده..؟
لحظة صمت.. ثم سمعت الصوت من داخل البالونة يكلمني: وعايزه في ايه..؟
-ما جاش السنة دي.. الدنيا والعة بالمعنى الحرفي للكلمة.. كل بلدين هنا مشتبكين في خناقات بينية لسبب ما، عندنا وبائين، طلعنا من كاس العالم.. اتفضحنا قدام الدنيا كلها لما انضربنا واتفضحنا اكثر لما كذبنا بعد كده..
لحظتين صمت هذه المرة.. ثم قال لي الصوت: أنا سعد نبيهة..!
سبقت الدموع الى عيني ووجدتني في حالة من الغيظ والالتفاتات والعجز والحركة والثبات والذهول.. كشأن الذي يريد الفعل ويعرف عجزه عنه ويعرف ضرورة هذا الفعل..!!  وقلت له: إيه اللي عمل فيك كده يابا سعد..؟
رد ابن نبيهة بصوت متخافت: أنا لسه خارج دلوقت من القسم.. كانوا عايزينني أمثل على الناس يا إما يضربوني.. ما رضيتش.. أنا يا ابني عندي أنفلونزا لحد دلوقت مش قادرين يعرفوا هي إيه بالضبط، قالوا لي عندك تعتيم إعلامي في الدم والتحاليل كل شوية بتطلع لنا نتيجة غير اللي قبلها، وباتاخد ع القسم كل شوية انضرب لحد ما يبانلي صحاب، وباقف في طابور العيش لحد ما أشبع من الوقفة وامشي، وعايزينني بعد ده كله امشي وافرّق الفرحة زي زمان.. عايزينني أخدر الناس يا فيصل، قلت لهم سعد نبيهة عمره ما كدب على الناس، افرحهم بالكدب يعني..؟ يقولوا لي لازم تلهيهم في أي حاجة.. والله بحاول أفرحهم بس محدش عاوز يديني فرصة..

لا أعرف لماذا ابتسمت فجأة.. ابتسمت وضحكت وقهقهت أيضا وأنا أسمع صوت سعد ابن نبيهة الحبيب الى نفسي والمرتبط بذكريات طفولتي الثمانينية عندما كان في مصر بعض ما يؤكل قبل أن يجفف عظمها ويباع في أسواق اوروبا وأمريكا بلا ثمن، و- مزيد من القهقهة - تباع كرامتها على حدودها الشرقية والبحرية وكل حتة بلا ثمن، و- المزيد من الحكايات المصحوبة بالأنين من عم سعد- يباع موقفها لمن يملك كارت الانتظار ويركن سيارته طالما شاء..

نظرت الى شوارعنا السابحة في قذارة زجاج الأتوبيس الناتجة عن ماء المطر الجاف عليه.. وغبشة الصبح الأولى التي تزيد المشهد غموضا، وسعد الذي عجز عن تثبيت الفرحة أجمل فرحة في أذهان الناس لأنه نسيها هو والناس، رأيت البالونات المنفجرة معلقة في كل مكان والناس تتناول افطارها بخبزهم الرديء على عربات الفول ويتندرون -بدهشة- على وقفة عرفات التي صارت ثلاث وقفات ويسبون -بإخلاص- الجزائريين الذين سرقوا منهم حلم كأس العالم..

هناك 4 تعليقات:

دينا اسكندر يقول...

الله عليك يافيصل

Ahmed Faissl يقول...

:*)

Dina Darwish يقول...

ماتنساش الجزء بتاع كل العالم يبقي سعيد .. هي الحاجة صفاء كانت عايزة العالم كله رجالة اسمهم سعيد؟ .. فين جمعية حقوق المرأة؟

Ahmed Faissl يقول...

هههههههههههههههههههه طب كويس انها ما قالتش كل العالم يبقى جمال :D