الخميس، 19 يونيو 2008

الفصل الأول: اللحظات الأخيرة لمكبوت الخامس عشر..

لماذا أحتاج أن أبدأ بمقدمة لحياة تنتهي بالفعل..؟!
بلا مقدمات بلا هبل.. الأجدر بإنسان في مثل ظروفي أن يفكر.. كيف سيعيش ابنه المسكين الذي -يا ضنايا يا بني- لم يعرف من الحياة ولا من المدَهول -سمعت انها كلمة فرعونية.. أليس كذلك..؟!- أبيه الذي هو أنا طبعا.. دششش..!! ها هو كوب ماء آخر ينكسر.. والدورق اهتز بعنف لكنه لم يسقط.. مش مشكلة.. أنتظر مكبوت ليسقيني عندما يعود هذا إذا لحقني أصلا..
أين ذلك الوزير الاهبل..؟
- نعم يا مولاي..؟
- هو البعيد ما عندوش دم خالص..؟ مش شايفني باموت..؟
- طب وإيه المطلوب مني ف حالة زي دي..؟
- يعني إيه إيه المطلوب منك..؟
- يعني اللي سمعته يا مولاي..! جلالتك بتموت.. انت عارف ده وانا كمان عارفه يبقى إيه المطلوب مني..؟ أمنع موتك ولا أكتم على نفسك تعجيلا بموتك..؟!
- يا أخي ما حدش طلب منك ده ولا ده.. لكن على الأقل ناولني كباية ميه..
- آسف جدا.. أناولك ميه يعني أمسك دورق مادي واصبه في كباية مادية وانا مش مادي زي ما انت عارف..
- عليا النعمة انت وزير فالصو.. غور من وشي...
- آسف برضه.. ولا ده كمان..! زمان الأمير مكبوت راجع لك بالدوا وغالبا ح يلاقيك ميت.. تقدر تقول لي بقه مين اللي ح يسلمه العرش..؟
شردت قليلا.. هل يجب أن يرث ابني من بعدي ذلك العرش المنيل بستين نيلة التي توارثته عائلتنا صاغرا عن صاغر..؟ - لأ سيادتك ما فيش ولا كابر في العيلة..!!- هل يجب أن يتعامل مع نفس الوزير الغلس ونفس الحاشية المقرفة ونفس الشعب النكدي..؟! لا.. إنني لأرحم بابني من ذلك.. ولست مستعدا لأن يخوض فيما خضت فيه...
- ما تستهبلش جلالتك.. اللي انت بتفكر فيه ده يعرض المملكة كلها للدمار.. يلغي وجودها أصلا..!
تصبح المشكلة همّا عندما لا تستطيع حتى إخفاء أفكارك عن شخص لا تريده أن يعرفها.. لكني أشعر بدنو الأجل وعلى ذلك لا أستطيع الاستمرار في مهمة الرواية..!
زحف مكبوت الخامس عشر إلى الجهة الأخرى من فراشه.. تلك التي يوجد بها الورقة والقلم.. تناول القلم ثم كتب وهو لا يرى ما يكتبه:
ولدي العزيز..
تحية طيبة.. و..
..وسقط ميتا..!

ليست هناك تعليقات: