الجمعة، 27 يونيو 2008

في الدفاع عن التصوف.. مقال من موقع الجازولية

:معنى التصوف

لعل أبلغ تعريف للتصوف هو ما وضعه العارف بالله سيدي جابر الجازولي رضي الله عنه مؤسس الطريقة الجازولية " التصوف تهذيب النفس ، وتدريبها علي الأخلاق السليمة ، وردها لأحكام الشريعة "

اذا ف التصوف عنوان التمسك بالكتاب والسنة، وتهذيب النفس، وتزكيتها، والسمو الخلقي، والارتفاع عن الملذات، وترك الدنيا، والاعتماد على الله، والالتجاء إليه، والصبر والرضا على قضاءه. هذا هو تصوفنا، فهل هذا شرعي أم لا؟

ويقول البعض أن التصوف كتسمية لم يكن معروفا إلا بعد القرون الثلاثة الأولي ولكن المتابع له تاريخيا يعرف أن اسم الصوفية كان موجودا علي عهد التابعين وفي النصف الأول من القرن الثاني الهجري ، إذ ثبت عن الأمام الحسن البصري – الملقب بسيد التابعين والمتوفى سنة 110 هجرية عن ثمان وثمانين سنة قال "رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني مامعي "

وهذا الإمام سفيان الثوري – الملقب بأمير المؤمنين في الحديث والذي قال عنه الأمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه –أنه قال " لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء"

ويسأل البعض " لماذا لم يطلق لقب الصوفية علي صحابة النبي أو التابعين ؟"

والإجابة أن الصحابة رضوان الله عليهم قد حازوا بصحبتهم لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أعظم تسمية ولقبوا بالصحابة .

ثم جاء بعدهم التابعون ورأوا تبعيتهم لهم أشرف تسمية فلقبوا " بالتابعين "

الي أن قامت البدع في نهاية المائة الأولي من الهجرة فقامت طائفة لحفظ مقام الإسلام وضبط قواعده وفروعه كأئمة الفقه الأربعة وتسموا بالفقهاء ،

وطائفة لحفظ مقام الأيمان وضبط قواعده وفروعه كالإمامين الأشعري والماتريدي وتسموا بأهل الأصول وعلماء العقائد والمتكلمين ،

وطائفة لحفظ مقام الإحسان وضبط أعماله وسلوكياته كالإمام الجنيد والإمام المحاسبي وغيرهما وتسموا بالصوفية وهي تسمية اصطلاحية لها العديد منالمترادفات والبدائل القرآنية والحديثية كالأولياء والإحسان والتزكية

إذا فالدعوة إلى طرح اسم التصوف بحجة أنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يجب أيضاً أن يرافقها دعوة أخرى إلى طرح اسم الفقه وأصول الفقه وعلم الرواية في الحديث وعلم الرواية وهو ما يسمى بمصطلح الحديث وعلم الفرائض وعلم التوحيد والعقيدة للحجة نفسها، ذلك أن هذه المسميات لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا السلف الصالح، بل دعوة إلى الفوضى في الفقه بعد أن أنعم الله تعالى على هذه الأمة بعلماء نظموا الأحكام ورتبوها وفق أبواب وفصول وصاغوها وضبطوها بعلوم اصطلحوا عليها أسماء وكان لهم في هذا الترتيب والتنسيق طرق متعددة ومذاهب مختلفة،

؟وماذا عن اللغة الخاصة والمصطلحات المتداولة في التصوف والطريقة

يقول العارف بالله سيدي جابر الجازولي رضي الله عنه مؤسس الطريقة الجازولية " لكل جماعة من الناس لغة خاصة يتعارفون بها بينهم وتدل علي هويتهم "
ان علماء السلوك وهم الصوفية قدموا لنا فقها في السلوك له مصطلحا ته ولغته الخاصة وأصوله وكما أستنبط الفقهاء الأحكام من الكتاب والسنة في الصلاة والصيام والحج والزكاة وكذلك علماء التصوف استنبطوا أحكام التزكية ووسائل معالجة تربية النفس من الكتاب والسنة

و لو بحثت عن مرجعية وأصل المصطلحات الفقهية مصطلحات العقيدة ومصطلحات علم الحديث والنحو من الكتاب والسنة قد لا تجدها بحرفيتها ولكن تجد معناها كما أن الحديث لا يقبل ما لم يكن موثقا بسند إلى رسول الله ليكون مقبولا وملزما ..كذلك الطريقة الصوفية هي موثقة بسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مأخوذة مشافهة جيلا من بعد جيل إلى رسول الله ..فلكي تكون مرتبطا بهذه السلسلة كان لابد من أخذ الطريقة من شخص مجاز بها

وهذا الإِمام الشعراني رحمه الله تعالى يتحدث عن إِكرام الله تعالى للصوفية الذين ساروا على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أمثال معاذ :رضي الله عنه فيقول

(اعلم يا أخي أن علم التصوف عبارة عن علم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة، فكل من عمل بهما انقدح له من ذلك علوم وآداب وأسرار وحقائق، تعجز الألسنة عنها، نظير ما انقدح لعلماء الشريعة من أحكام، حين عملوا بما علموه من أحكامها) ["التصوف الإِسلامي والإِمام الشعراني لطه عبد الباقي سرور ص70].

إِن هذه أمور يكرم الله تعالى بها عباده المخلصين، وأحبابه الصادقين، ولا حجر على القدرة الإِلهية.

إِنما هي أذواق ومفاهيم، وكشوفات وفتوحات، منحهم الله إِياها، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "العلم علمان: علم في القلب، وفي رواية: علم ثابت في القلب، فذلك العلم النافع. وعلم على اللسان، فذلك حجة الله على خلقه" [رواه الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخه بإِسناد حسن، ورواه ابن عبد البر النمري في كتاب العلم عن الحسن مرسلاً بإِسناد صحيح كما في الترغيب والترهيب ج1. ص67

ويدل على ذلك حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، فقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن معاذ بن جبل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كيف أصبحتَ يا معاذ ؟".قال: أصبحتُ مؤمناً بالله تعالى. قال: "إِن لكل قول مصداقاً، ولكل حق حقيقة، فما مصداق ما تقول ؟". قال: يا نبي الله! ما أصبحت صباحاً قط إِلا ظننت أني لا أمسي، وما أمسيت مساء قط إِلا ظننت أني لا أصبح، ولا خطوت خطوة إِلا ظننت أني لا أتبعها أخرى، وكأني أنظر إِلى كل أمة جاثية تدعى إِلى كتابها، معها نبيها وأوثانها التي كانت تعبد من دون الله وكأني أنظر إِلى عقوبة أهل النار، وثواب أهل الجنة. قال: "عرفت فالزم" [أخرجه أبو نعيم في الحلية ج1. ص242].

فلم يصل الصالحون إِلى هذه الكشوفات والمعارف إِلا بتمسكهم بالكتاب والسنة، واقتفائهم أثر الرسول الأعظم وأصحابه الكرام، ومجاهدتهم لأنفسهم، من صيام وقيام، وزهدهم في هذه الدنيا الفانية، كما أكرم الله معاذاً رضي الله عنه بهذا الكشف الذي أقره عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "عرفتَ فالزم".

هناك تعليق واحد:

احمد حبيب يقول...

اخي الحبيب
الولايه عنايه
ومن يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
انك لاتهدي من احببت ولكن الله بهدي من يشاء
ولو تذوقو الحب يوما ما اعترضوا
فهيا بنا ياخي الي الغوص في النفس ندرك معالمها
مع الاحباب وبنظر الشيخ نطويها
فالكنز معرفة اراد الله ان يجليها
فخلق الخلق تزكية وتفضيل منه واحسان