الخميس، 26 يونيو 2008

الصوفية... الشعر.. العشق... والنضال..! -٦-

البدع في الصوفية.. الطريق والطريقة وانحرافات السالكين وادعاءات المغرضين..!
*****

إذا كنت من المكفرين للصوفية فإنك في الأغلب ستتحدث عن "بدعة الصوفية"... أما إذا كنت فاهما للصوفية أو على الأقل واقفا على الحياد - مثلي - فسوف تتحدث عن "البدع في الصوفية"...

وهو ما سأجمله بالحديث هنا..

كم من البدع قد دخل الإسلام....

لحظة...! هذا سؤال..!!!

كم من البدع قد دخل الإسلام...؟

هل يمكنك أن تعد...؟

وحتى تنتهي من العد... دعنا نتحدث عن البدع التي دخلت الصوفية...

لاحظ أني لا أتحدث عن الصوفية باعتبارها منفصلة عن الدين.. فهي دين الدين نفسه فيما أرى... لكنها محاولة للفرز لا أكثر.. وذلك باعتبار أن من أدخلوا فيها البدع ينتمون للإسلام والصوفية في نفس الوقت...

هناك دائرة كبيرة اسمها الإسلام وتحدث فيها الكثير من البدع... وهناك بداخلها دائرة أصغر اسمها الصوفية.. تحدث فيها بدع أيضا..

لاحظ أيضا أني سأتناول تلك البدع بالحديث واقفا على أطراف أصابعي.. لكوني لا أمتلك خلفية دينية تسمح لي بالقول فيما هو من البدع وما هو ليس منها (وحتى لو كان عندي.. فلن أفعل..!! إذ هي مسئولية جسيمة؛ على من يعالجها في رأيي أن يكون متبحرا في الدين إلى حد يسمح له بالإفتاء.. والإفتاء بالنسبة لي مسئولية كمسئولية عمر "لو عثرت دابة في العراق لسئل عنها عمر...!")
وأول قولنا :
إن الذي يتصور أخطاء للصوفية وينسبها إليهم من أناس ممن ينتسبون إلى لطرق الصوفية أو التي تدعي ذلك ليس معذورا.. بل هو معاقب لأنه لم يبحث عن الحقيقة من مصادرها الأصلية كما إنه أساء الظن بما لا يراه من المسلمين.. فالتصوف علاقة بين العبد وربه.. وينبغي - في صورتها الكاملة- ألا يعرف بها سواهما...


*****
الطريقة:
يعد فاروق شوشة أسماء الصوفية القدماء من ابن عربي وابن الفارض وآخرون ثم يقول: "الآن لم تعد هناك صوفية.. بل هناك طرق صوفية...! بقى الشكل وحده دون المضمون..!!"
هل هذا صحيح..؟
لننظر معا..
لن أدخل الفخ المغري بالحديث عن تاريخ الطرق الصوفية في الإسلام.. بل أقول أن الإسلام يتميز بالنزعة الجماعية.. بصلاة الجمعة وصلاة الجماعة.. في تعلم الدين ودروس العلم في المساحد.. حتى في الحكم يتميز بالشورى..
إذن فهي الجماعية في كل شيء.. لأن "يد الله مع الجماعة"..
الطريقة في الصوفية لم تكن أبدا "مذاهبا" أو "فرقا".. هى فقط تجمعات تنسب إلى شخص معين لأن هذا الشخص المعين هو الذي أسسها.. وليس من المفروض أن يكون له مذهب في التصوف‘ لأنه ببساطة شديدة لا يوجد شيء في التصوف اسمه "مذاهب"..!
فالطريقة في أصلها تقسيم جغرافي لا تقسيم فكري...
ونرى في بعضها ما يطلق عليه البعض بدعا وهو ليس كذلك، ونرى ما هو بالفعل بدعا..
ربما يأخذ البعض عليهم بعض العادات كالرقص.. والطاعة المفرطة للشيخ وأحيانا الاعتقاد بعصمته.. وأشياء أخرى وردت عن بعض من ينتسب إليهم..
وأقول من ينتسب إليهم تجاوزا.. لأن الصوفية لم تكن أبدا مهنة تكتب في البطاقة.. أو زيا موحدا ترتيه جماعة ما.. أو مبنى معين كل من يسكنه يكون صوفيا..
بل هى كما قلت وأعيد علاقة بين العبد وربه.. ولعلى هنا استعيد هذا البيت:
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه
ولا بكاءك إن غنى المغنونا
إن التصوف أن تصفو بلا كــــدر
وتحفظ الأخــــلاق والدينــا..!

*****
البدع:
ربما تكون بعض الأفعال التي تلاحظ على بعض الصوفية هي أفعال لا إرادية.. وأقول "ربما يكون" و "بعضها" فنحن لا نعلم ما تكون عليه حالته وقتها..
فأما بالنسبة للأذكار والأدعية..
فلا أعتقد أن هناك نصا ما في الدنيا قد حدد أدعية أو أذكارا بعينها.. وقال: لا تدعُ الله بغير هذه..!
فلهذا لن أتوقف عندها..
لكن أتوقف عند فكرة الأقطاب وطاعتهم المفرطة إلى درجة عصمتهم أو تأليههم.. فهذه هى البدعة بحق.. وقد دخلت الإسلام أيضا كما دخلت بعض الطرق الصوفية...
هي بدعة في الصوفية والإسلام -مرة أخرى تحاول اللغة أن تفرق بينهما!!- ويجب استئصالها من كليهما.. ولا نستطيع القول بأنها قد تمكنت من أحدهما، لأنه ولله الحمد لا يزال هناك من يحرص على أن تكون الأمور في نصابها.. ويكون الدين كله لله..
هاك هذا المثال:


روت قناة الجزيرة هذه الكلمات على لسان شيخ الطريقة الحقانية النقشبندية:




"الإسلام الحديث يحاول أن ينفي ضرورة اتباع إمام ملهم.. ولهذا فهو يدير ظهره للصوفية ويحاول أن ينكرها.

إن قبول إمام حقيقي يرشدك إلى ربك هو جوهر الإسلام، وإن شيوخ الطرق هم المرشدون الذين عينتهم السماء بعد أن تشربوا تعاليم الطرق التقليدية من الشيوخ الذين سبقوهم.. وصولا إلى النبي محمد."
نستطيع أن نقول بالفعل أن هناك من العباد الربانيين من هو على اتصال حقيقي بالسماء.. وهناك صلة بينه وبين الله..
لكن هذه الصلة لا تتعدى إلى سواهما..!
لا يمكننا أبدا أن نقول أن فلانا قد "عينته السماء" لشيء ما.. لأن هذه تكون "النبوة" بعينها..!
ومن يدعي ذلك لا يمكن لأن يكون صوفيا.. أنا عن نفسي أدعوه "سياسيا" لأن في كلامه هذا إعادة صياغة لفكرة الحق الإلهي المقدس في أوروبا القديمة..
نقول أن الصوفية التي ترى الله في كل شيء حولها.. قدرته وخـَـلقه وصفاته لا يمكن أن يكون هذا طريقها...
بل طريقها الأخلاص في العبادة.. الرفق بالناس.. الإلتزام لا الإلزام..
ونجدة الوطن حين البأس... ومن ينسى كفاح السيد أحمد البدوي وصحبه ضد الصليبين نصرة للدين والوطن..؟
كم تركت الصوفية من آثار في حياتنا..
وهذا ليس سؤالا..!
ربما تركت حتى في أقلنا تدينا ذلك الشعور بوجود صفات الله في كل ما حولنا..
ولأمر ما.. ما زلنا كلما رأينا جمالا.. أو مصدر فزع.. أو باعث دهشة.. أو مثار عجب.. قلنا بصوت واحد:
الله...!!!
أحمد فيصل
10 مارس 2006


نشرت لأول مرة في منتديات عبد الرحمن يوسف على حلقات بداية من ٨ فبراير ٢٠٠٦ -كان عاما مجيدا..!! - وانتهاءً بالتاريخ السابق.. ونشرت مسروقة بعد ذلك في منتديات أخرى دون الإشارة إلى كاتبها أو مع نسبتها إلى آخرين...!!

ليست هناك تعليقات: